لبنان، بلغت حد القوننة والتشريع،
ظاهرة أساسية من ظواهر الفساد السياسي في لبنان، كالرشوة الانتخابية، لا تزال تهدد ديمقراطية الانتخابات وتكافؤ فرص المرشحين فيها، وبالتالي نتائجها ومدى انعكاس الإرادة الشعبية بالتغيير عبرها.
وبينما يرى لبنانيون في الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي أصابت البلاد، فرصة لمحاسبة المسؤولين ومراجعة الخيارات السياسية والتمثيلية للمواطن اللبناني، إلا أن الواقع يكشف عن تأثير معاكس تماماً.
وفي ظل تحضيرات وزارة الداخلية لإجراء هذه الانتخابات، عاد الجدل حول الوثائق المطلوبة للمشاركة. إذ أُلزم الناخب في البداية بتقديم بطاقة هوية تتضمن صورة واضحة وحديثة، أو إخراج قيد فردي حديث، ما أثار موجة من الاعتراض الشعبي، خصوصاً من حملة البطاقات القديمة. وبعد ضغوط سياسية ومدنية، جرى التراجع جزئياً، فاقتصر الشرط على من لا تتضمن بطاقاتهم صورة. وعلى الرغم من أن الهدف المعلن هو “منع التزوير”،
الأحد لناظره قريب. وعلى مدى أربعة أسابيع، وحده الناخب، إذا أدرك أنّ صوته أداة فعل سياسي وممارسة حقيقيّة للمواطنة، يستطيع أن يُحدث فرقاً ويُطلق مسار التغيير، ولو من بوابة الشأن البلدي.
في بلدة بولونيا، قضاء المتن، يُشترى الصوت الفردي بـ 1000 دولار، وفي جارتها القعقور الصفقات تُبرم بالجملة بسعر 5000 دولار مقابل أصوات عائلة واحدة. أما في ضبية، في قضاء المتن الشمالي، يدور الحديث عن تخمين الصوت بـ500 دولار، أما سعر العائلة الكبيرة فيصل إلى 50 ألف دولار دفعة واحدة.
في سبناي في قضاء بعبدا، التسعيرة تتراوح بين 200 و250 دولاراً للصوت، للعرب المجنسين. وتختلف بحسب موقع العائلة داخل الخريطة المحلية.
أما في جونية، حيث اشتعلت المنافسات في السنوات السابقة، فلم تبدأ المزادات بعد، لكنها مرجَّحة للانطلاق في اللحظة الحاسمة غداً ، عندما تبدأ عملية الاقتراع. ففي الانتخابات الماضية وصل سعر الصوت إلى 1000 دولار ومع حماوة المعركة في الانتخابات الحالية السعر مقدر للارتفاع. أما في جارتها غزير، فالنمط مختلف: الدفع بالجملة للعائلات والمجموعات….
واللافت أن الأسعار لا تستقر، كلما اقترب يوم الاقتراع، كلما ارتفع السعر. الذروة تُسجَّل في الساعات الحاسمة، قبل الظهر وبعد الظهر من يوم الانتخاب. حينها، لا يعود “حق الصوت” موقفًا سياسيًا أو خيارًا بلديًا، بل إيصالًا ماليًا يُسدَّد نقدًا فور إسقاط الورقة في الصندوق.
ميا فرح