Header Image

إغلاق مضيق هرمز: خطر استراتيجي على لبنان وأمنه الغذائي

يمثل مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تمر عبره نحو 20% من النفط العالمي المنقول بحرًا، إضافة إلى تدفقات ضخمة من السلع والمواد الغذائية من وإلى دول الخليج. ومع تصاعد التوترات الإقليمية، تُطرَح إمكانية إغلاق المضيق كأحد السيناريوهات العسكرية الأكثر خطورة، ليس فقط على الدول الكبرى، بل أيضًا على الدول الهشة اقتصاديًا والمعتمدة على الاستيراد، وفي طليعتها لبنان.
يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة منذ أواخر عام 2019، ترافقت مع انهيار العملة الوطنية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ما جعل البلاد أكثر عرضة للتأثر بالتقلبات الإقليمية والدولية. وفي حال تم إغلاق مضيق هرمز، سيواجه لبنان تحديات متعددة تطال الأمن الطاقوي والغذائي معًا.
أزمة وقود خانقة
يستورد لبنان كامل حاجاته من المشتقات النفطية، ومعظم هذه الشحنات تمر عبر الخليج العربي. أي تعطل في حركة السفن بسبب إغلاق المضيق سيؤدي إلى نقص في الكميات المستوردة، وارتفاع جنوني في أسعار البنزين والمازوت وغاز الطهو. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى ارتفاع كلفة النقل والتوزيع، وتعطيل مرافق حيوية مثل المستشفيات والمخابز والمؤسسات التربوية، خصوصًا في ظل غياب دعم حكومي فعال.
ارتفاع أسعار الغذاء وتراجع التوفر
يستورد لبنان أكثر من 80% من حاجاته الغذائية من الخارج، سواء بشكل مباشر من دول الخليج أو عبر طرق تمر بالمضيق. وتشمل هذه الواردات سلعًا أساسية مثل القمح، والأرز، والسكر، والزيوت النباتية، والأعلاف الحيوانية. ومع إغلاق المضيق، سيزداد الضغط على خطوط الشحن البديلة، وترتفع تكاليف النقل البحري والتأمين، ما ينعكس مباشرة على أسعار المواد الغذائية في السوق اللبنانية. وفي ظل ضعف القدرة الشرائية لدى معظم المواطنين، فإن شريحة واسعة قد تجد نفسها عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية.
هشاشة الأمن الغذائي
الأمن الغذائي في لبنان بات مهددًا منذ سنوات، خصوصًا بعد رفع الدعم عن السلع الأساسية وتآكل احتياطات المصرف المركزي من العملات الأجنبية. ومع أي اضطراب إضافي في سلسلة الإمداد، سيتفاقم هذا التهديد. وقد نشهد عودة الطوابير أمام الأفران، واحتكار بعض السلع، وعودة السوق السوداء، ما ينذر بأزمة اجتماعية حادة.
غياب الخطط البديلة
لا تمتلك الحكومة اللبنانية حاليًا أي خطة طوارئ استراتيجية لمواجهة سيناريو من هذا النوع. كما أن المخزون الغذائي الاستراتيجي في البلاد شبه معدوم، ويصعب تعويض السلع الخليجية سريعًا من مصادر بديلة، سواء بسبب الكلفة أو ضعف البنية التحتية أو ضعف العلاقات التجارية الخارجية. وهذا ما يعمق هشاشة لبنان في مواجهة الأزمات الخارجية.
ختامًا، يُظهر سيناريو إغلاق مضيق هرمز مدى هشاشة الوضع اللبناني في ظل شبكة من الاعتمادات الخارجية وانعدام السياسات الوقائية. ومن هنا، يصبح من الضروري وضع استراتيجية وطنية لإدارة المخاطر الغذائية والطاقوية، تشمل تنويع مصادر الاستيراد، ودعم الإنتاج المحلي، وإنشاء مخزونات استراتيجية. فلبنان، في ظل غياب هذه التحصينات، سيكون من أوائل الضحايا في حال اندلاع أزمة إقليمية كبرى.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *