Header Image

من أغاني الزمن الجديد… كيف أسرتني موهبة الشاب “الشامي” دون أن أدري

من أغاني الزمن الجديد… كيف أسرتني موهبة الشاب “الشامي” دون أن أدري

كنت أسمع مراراً من ابني الشابين عن مغنٍ صاعد يُدعى “الشامي”. لم أكن أولي اهتماماً، فقد ظننت أنه مجرد اسم جديد على لائحة الأسماء العابرة في زحمة الفن المعاصر. عرضا عليّ يوماً أن أستمع إلى إحدى أغانيه، وما إن مرت ثلاث ثوانٍ حتى أوقفتها بتأفف. لم أفهم شيئاً من كلماته، وكأن اللغة قد تغيّرت، أو أنني لم أعد أنتمي إلى هذا الزمن.

مرت الأيام، وفي إحدى الجلسات المدرسية وبين حديث عن المنهاج والتلاميذ، التقطت أذني صوت إحدى المعلمات، وهي سيدة أربعينية رصينة، تتحدث بانبهار عن هذا “الشامي” وتصف أغانيه بالجميلة والمؤثرة. لم أتمالك نفسي من ضحكة خفية… أحقاً أصبحنا نرى الجمال في هذه الأنغام السريعة والكلمات المبهمة؟

لكن الفضول أقوى من السخرية. وبينما كنت أتصفح هاتفي في لحظة فراغ، خطر ببالي أن أبحث عن هذا “الشامي”، ووقع اختياري على أغنيته “دكتور”… ويا ليتني لم أفعل.

صُعقت! ليس لأنني وجدت ما يزعجني، بل لأنني وجدت نفسي أسيرة صوت غريب في صفائه، ظاهر في تميّزه، طافح بإحساس لا يُشبه إلا النقاء. وجه شاب، بريء، فيه جاذبية تشبه الندى حين يلامس الورد مع أول خيوط الصباح. كيف يكتب ويُلحن ويغني بهذا الصفاء؟ وكيف استطاع أن يجعل من البساطة عمقاً ومن الإيقاع بسمة؟

تأملت أن الأغنية تخطّت حاجز ٢٠٤ مليون مشاهدة في خمسة أشهر. هذا ليس مجرّد رقم، إنه إشارة إلى أن العالم قد بدأ يسمع لما لم أستطع سماعه في البداية.

دفعتني الدهشة لسماع المزيد من أغانيه، وفوجئت بأنه يغني دون فرقة موسيقية، صوته هو العزف، وإحساسه هو الإيقاع. لست ناقدة فنية، لكنني عاشقة للطرب الأصيل، تربيت على صوت أم كلثوم، وصباح، وذكرى، وتأثرت بكلمات مروان خوري، وألحان ملحم بركات، وصوت وائل كفوري. ومع ذلك، رأيت في “الشامي” شيئاً لا يشبه أحداً، وربما لن يُشبهه أحد.

إنه ظاهرة. صوت خرج من الحلم، ومن رحم الإحساس الصادق. صدقوني، لم أكتب هذه الكلمات مجاملة ولا مجاراة لموجة، بل كتبها قلبي، مذ سمعت ذلك الصوت للمرة الثانية.

أجل، قد تتخطى عالميته حدود العالم العربي، فالفن الصادق لا يحتاج إلى ترجمة… فقط إلى أذن تسمع وقلب يشعر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *